تابع ... كيف نربي فتياتنا
ثالثا: ربي الفتاة على لباس الحشمة والستر سواء داخل البيت أو خارجه ، فاحرصي
على تعويد الفتاة في الصغر على اللباس الساتر الواسع عند المحارم وعوديها أيضا على
لبس الحجاب عند خروجها ولا تتساهلي في ذلك بحجة أنها صغيرة فإن الفتاة تعتاد على
ما نشأت عليه فإذا نشأت على الستر كان الحجاب من أيسر الأمور عليها إذا كبرت وإذا
نشأت على خلاف ذلك كان الحجاب عسيرا عليها ، وليكن ذلك بالتدرج معها والرفق بها.
واعلمي أن الفتاة تقتدي غالبا بأمها فكوني قدوة حسنة لها. ومما يؤسف له أن أهل
الباطل يحرصون على تعويد الفتاة منذ الصغر على التهتك في اللباس وبعض أهل
الإستقامة يتساهلون في هذا الباب ولا شك أن هذه الأمور لها أثر كبير في نفس الفتاة
وتكوين شخصيتها.
رابعا: من الأمور المهمة أن تعدل الأم بين الفتاة وإخوتها الذكور في المعاملة في العطية
والتودد والإهتمام والحديث مما يؤثر على نفسية الفتاة ، فإن الفتاة إذا أعطيت حقوقها
وسمع صوتها شعرت بالاستقرار وإن ظلمت ومنعت حقوقها وفضل عليها إخوتها شعرت
بالحرمان وتألمت لذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اتقوا الله واعدلوا بين
أولادكم) متفق عليه. وكذلك لا تسمحي لإخوتها بالاعتداء عليها و إهانتها وكوني لها
دائما ظهرا تحتمي بها.
خامسا: مما يبني شخصية الفتاة ويقويها أن تعطي الأم الفتاة دورا في البيت وعملا
مناسبا لإمكانياتها تقوم به وتشعر بالمسؤولية تجاهه كالطهي والتنظيف ورعاية الولد
وغير ذلك مما يملأ وقتها وينمي قدراتها ويشرح صدرها ويشعرها بالسعادة وشعورها
بالثقة. وينبه على أنه ينبغي على الأم أن ترفق بالفتاة إذا أخطأت أو قصرت في العمل
الموكل لها ولا تعنف عليها خاصة في أول الأمر.
سادسا: مما يشعر الفتاة بالاستقرار أيضا أن تخصص الأم وقتا في اليوم لسماع حديث
الفتاة ومعرفة أحوالها والتحاور معها ومناقشتها وتصحيح مفاهيمها وتوعية فكرها فإن
الفتاة بحاجة ماسة إلى من يستمع لها ويحتويها ويعالج مشاكلها ويرعى اهتماماتها.
ومما يؤسف له تقصير كثير من الأمهات العاملات بهذا الجانب مما يوجد فجوة كبيرة
بين الفتاة وأمها وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحاور الصغار ويوجههم.
سابعا: من الأمور المهمة جدا وتشكل خطرا في حياة الفتاة وتحدد مصيرها التواصل بين
الأم والفتاة عاطفيا. فينبغي على الأم أن تغدق على الفتاة حنانا وحبا ومشاعر فياضة
لتسد فراغها العاطفي وتوجه عاطفتها إلى الإتجاه الصحيح وتحميها من الطريق الخطأ
ويكون ذلك عن طريق القبلة وإظهار التحفي بها وإطلاق عبارات المدح والإطراء
والثناء على أعمالها ولو يسيرة فالأم الذكية هي التي تستغل الحدث المناسب وتوظفه في
صالح ذلك ولا تسرف في العقوبة وإهمال الأم لذلك يجعل العلاقة بينها وبين فتاتها فاترة غير فعالة.
ثامنا: كما أن مبدأ العقاب والحزم له أثر طيب في تصحيح مسيرة الفتاة وتقويم سلوكها
ويشترط لذلك أن يكون العقاب في مكانه المناسب عندما تخطأ الفتاة خطأ فادحا له ضرر
ويشترط أيضا أن يكون مناسبا لوضع الفتاة وأن يكون متنوعا يستعمل فيه جميع
الأساليب من الحرمان والتوبيخ والتهديد وغيره. وينبغي على الأم أن تقلل من الضرب
ولا تلجأ إليه إلا في الحالات الخاصة التي لا تعالج إلا بالضرب كترك الصلاة وارتكاب
محرم. وإذا ضربت فلتتق الوجه والأماكن الحساسة ولا تضرب ضربا مبرحا. والأمهات
في هذا الباب صنفان مخطئان فصنف ترك التأديب مطلقا ولو فرطت الفتاة بدينها
وارتكبت أخطاء عظيمة وصنف أسرف في استعمال العقاب وبالغ فيه بقسوة وظلم وكلا
السلوكين خاطئ مخالف للشرع والخلق فالسلوك الأول يؤدي إلى ضياع الفتاة وتمردها
والسلوك الثاني يؤدي إلى تضرر الفتاة ويولد لديها شعور الكراهية والحقد على الأم.
تاسعا: ينبغي على الأم أن تربي فتاتها على محبة القرار في الدار وعدم الخروج إلا
لحاجة وإذا قاربت البلوغ وجهتها إلى عدم رؤية الرجال وعدم مخاطبتهم إلا لأمر
عارض. فتنمي في نفسها الحياء والستر وعظم الإحتجاب عن الرجال وخطورة الإختلاط
وسوء مغبته كما نهى الشرع الحكيم عن وسائل الفتنة وأسباب الشر. قالت أم المؤمنين
عائشة رضي الله عنها: (خير للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يراها الرجال). وتسلك الأم
في سبيل تحقيق هذا الخلق وسائل متنوعة فلا تجعل الفتاة تخرج مع الرجال و لا تخلو
بهم ولا تسافر معهم ولا تخالطهم في شيء من الدنيا ولو كانوا أقارب. وقد تساهل بعض
الأمهات في هذا الأمر فتراهم يعاملن الفتاة في ذلك كالولد بحجة التمشي مع الواقع أو
ادعاء الثقة وحسن الظن بها. فالأم المؤمنة حقا هي التي تغار على فتاتها وتبذل كل ما
تملك من الدنيا في سبيل عفاف ابنتها والحفاظ على عرضها.
يتبع .........