المشرف العام Admin
عدد المساهمات : 1136 نقاط : 65850 تاريخ التسجيل : 18/05/2009
| موضوع: أسرار الحضارة الفرعونية - 2 الأحد مايو 02, 2010 6:34 pm | |
|
آثار وأسرار من قتل توت عنخ آمون ؟ بقلم: د.زاهي حواس
جاء مشروع الكشف علي مومياء الملك المصري الشاب توت عنخ آمون, بعد انتظار طويل للتعرف علي ظروف كثيرة ظلت غامضة منذ اكتشاف مقبرته في عام1922, ولعل هذه هي المرة الأولي التي يقوم فيها علماء مصر من المجلس الأعلي للآثار والمركز القومي للبحوث وكلية طب قصر العيني في تخصصات متكاملة بحسم قضايا التشكيك والاتهام التي تدور حول شخص وحياة الفرعون المصري وتحديد حالته الصحية, ومدي تعرضه للاغتيال أو الإصابة التي أدت لوفاته يقول الدكتور زاهي حواس رئيس المجلس الأعلي للآثار: إن هذه رابع مرة يتم الكشف فيها علي مومياء الفرعون الصغير فالأولي كانت في11 نوفمبر عام1925, والثانية في عام1968, والثالثة في1987, وعقدت من خلال أجانب وبعض المصريين, وهذا العام يستحق أن يطلق عليه عام توت عنخ آمون, حيث كشفت الفحوص الأولية تدهور حالة المومياء, مما يتطلب ضرورة معالجتها, وتوفير درجة حرارة ثابتة ورطوبة معينة لتحقيق الثبات, ومنع أية إصابات جديدة, وأن هذه أول مرة تستخدم فيها أجهزة علي مستوي عال لتصوير1700 صورة أشعة للمومياء.
تبدأ القصة عندما تقدم الدكتور صالح بدير عميد كلية طب قصر العيني السابق, والمشرف علي المومياوات بالمجلس الأعلي للآثار, بمذكرة علمية طالبا العناية بمومياء الملك توت عنخ آمونوترميمها ونقلها إلي المتحف المصري, إلا أن الدكتور زاهي حواس رئيس المجلس الأعلي للآثار اعترض علي النقل, وأكد أنه يفضل بقاء المومياوات في مواقع اكتشافها الأصلية, كما عارض اختباراتDNA للكشف عن المومياوات وأصولها علي أساس أن هناك نسبة40% خطأ في التشخيص والتحديد, وبالتالي كان الاتجاه لإجراء فحص بالأشعة المقطعية, للتعرف علي تعرض الملك المصري للأمراض والأسباب التي أدت للوفاة في صغره.
الخرافات
وقال د. زاهي حواس: إن أحد الأسباب التي دعت لإجراء هذه الأشعة ودراستها, تلك الخرافات التي تدور حول الملك, خاصة بعد ظهور أفلام منها ما يحمل عنوان: من قتلة توت عنخ آمون, مشيرة إلي أن الملك مات مقتولا, وتطوع البعض للبحث عن قتل الملك, وهناك فريق آخر يشير إلي أن وفاة الملك كانت طبيعية, وأن البحث وتحليل الصور سيظهر حقيقة هذه الإدعاءات مع إلقاء المزيد من الضوء علي الفترة التي حكم فيها, وهي فترة العمارنة, وما فيها من أحداث مازالت غامضة أمام العلم حتي الآن, وكان القرار بإجراء التصوير والدراسات في مقبرة الملك بوادي الملوك.
وقال: إن القراءات العلمية علي المومياء ستتحدد من خلال المتخصصين في قراءة الأشعة لاستبعاد أي احتمالات أو تكهنات أو تخيلات غير علمية, بعد أن يقوم علماء المصريات بالتفسير, وأنه يجب أن ندرك أن دراسات سبقت للمومياء أولاها كانت في11 نوفمبر عام1925, في مرحلة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون, بعد3 سنوات من الاكتشاف, حيث قام هيوارد كارتر مكتشف المقبرة بالاشتراك مع العالم ديري المتخصص في المومياوات, وصالح بك حمدي من جامعة الإسكندرية بالفحص, واتضح لهم أن المحنطين صبوا الراتنج والزيوت علي جسد الملك كله في أثناء عملية التحنيط واللف بالكتان, وهو ما أدي إلي التصاق القناع الذهبي بالرأس, وكذلك الجسد بالتابوت, ثم وضعوا المومياء في الشمس أملا في أن تذيب حرارتها الزيوت والمواد الراتنجية والمواد اللزجة, إلا أنها لم تؤثر.
وأضاف د. زاهي أن كارتر ومساعديه نقلوا المومياء للممر الخاص بمقبرة الملك سيتي الثانيبوادي الملوك لإجراء اختبارات أخري, والتحقق من طبيعة المومياء, حيث تبين لهم أن الكفن الكتاني الموجود عليها كان سريع التحلل, وهو مطل بطبقة من شمع البارافين, فقاموا بتمزيقه بواسطة سكين إلي قطع كبيرة, وأزالوا الأغلفة الخارجية الفاسدة, واتضح أن الأغلفة الداخلية كانت صغيرة ووضعت بهدف تماسك اللفائف الكتانية, وخوفا من زيادة تأثر المومياء بسبب سرعة نمو الفطريات, وتم اختبار المومياء بداخل التابوت, واتضح من الفحوصات أن توت عنخ آمون كان يرتدي صنادل ذهبية, وأغطية لأصابع اليدين والقدمين, مع وجود أكثر من مائة قطعة أثرية وضعت مع الملك في طبقات مختلفة داخل المومياء.
تمزيق الأربطة وأضاف أنه بعد أن انتهي كارتر ومعاونوه من تمزيق الأربطة الكتانية, أخرجوا المومياء من التابوت باستخدام سكاكين ساخنة, تمكنوا بها من نزع القناع الذهبي عن الوجه, كما فصلوا الرأس عن الجسد, وعظمة الحوض عن الجذع, والذراعين والساقين, ونزعوا الأيدي والأقدام, حيث تم اكتشاف كل ذلك من خلال فحص المومياء بأشعة إكس في عام1968, لأن كارتر لم ينشر ذلك, كما ظهرت إصابات نتيجة التحنيط في وسط البطن وحتي عظمة مفصل الساق اليسري, أما الذراعان فهما مثنيتان عند الكوع متقاطعتان عند الخصر وأن الذراع اليسري فوق اليمني, والرأس حليق ومغطي بغطاء سميك أبيض, ثم بقبعة مليئة بالخرز وطراطين آتون, وحدد ديري عمر الملك عند الوفاة ما بين18 و22 عاما.
وأضاف أن فريق العمل برئاسة كارتر أعاد المومياء لمقبرتها في أكتوبر1926, وأصبحت عارية ووضعوها علي الرمال لإخفاء الإصابات الحديثة, كما تم إعادة تركيب القدمين واليدين لكل من الكاحل والرسغ بواسطة الراتنج, وتم دفنها بعناية ووضعت المومياء مرة أخري في التابوت الخارجي ثم التابوت الحجري, ووضعوا طبقة زجاجية علي غطاء التابوت.
في عام1968 حلل العالم هاريسون أستاذ التشريح بجامعة ليفربول, المومياء وأجري دراسة عليها بأشعة إكس بعد رفع الغطاء الزجاجي, وفتح التابوت, واكتشف أن المومياء مفككة إلي قطع, وأن إعادة الدفن تمت بطريقة سيئة بواسطة كارتر أو شخص آخر جاء بعده, وأن الجمجمة خالية تماما عدا تراكمات بسيطة من مواد داكنة, وهي غالبا من الراتنج المتحجر, بالإضافة إلي جزء من عظمة, واستند العالم في ذلك إلي أن الملك المصري مات مقتولا بضربة علي رأسه, كما اكتشف أن القفص الصدري وأجزاء من عظام مقدمة الصدر مفقودة, غير أن هناك من العلماء المتخصصين في علم المصريات من يري أن الملك مات في حادث في أثناء ركوبه العجلة الحربية, مما تسبب في كسر مقدمة قفصه الصدري, وأصيب أيضا في الفك الأيسر وعولج.
أما في عام1978 فقد تم إخراج المومياء مرة ثالثة عن طريق فريق أمريكي متخصص من جامعة ميتشجان وفحصت المومياء مرة أخري بأشعة إكس وأوضح الفريق أن الصور التي التقطت توضح أن عيني الملك قد فقئتا, وأن الأذن اليمني مفقودة, وأن نتائج تحليل الدم الذي أخذ من العظام أوضحت أن فصيلة دم الملك هي إيه2, وفي كل الحالات أوضحت الأشعة حاجة المومياء إلي ترميم إلا أنها لم توضح صراحة العمر الحقيقي للملك وقت الوفاة أو سببها.
علاج المومياء وأشار إلي أن الفحص يتم بأيد مصرية لأول مرة حيث سيمكن التعرف علي حالة المومياء بالكامل ومعرفة وسائل علاجها وترميمها, بالإضافة للتعرف علي أسباب الجرح الموجود في الصدر, وحياة الملك وسبب وفاته, وعلي حالة المومياء, والأمراض التي كان يعانيها الملك والتي كانت في عصره, إضافة لتلافي تعرض المومياء للتغيرات الجوية والعمل علي ثبات درجة الحرارة بها لأن العوامل الجوية السيئة التي كانت بالمقبرة أثرت سلبيا عليها.
وقال الدكتور حسن الشريف أستاذ التاريخ الفرعوني: إن تطورات الاجتهادات في المرحلة الأخيرة حول مقتل توت عنخ آمون ظهرت في تفسيرات تناولتها أفلام عن حياة الملك الشاب سواء في أمريكا, أو بريطانيا, وأظهرت أفلام وثائقية قتله علي أيدي بعض الأفراد الطامعين في الحكم, حيث بحث فريق أمريكي سبب غموض مصرع الفرعون منذ نحو3 آلاف و350 عاما في سن التاسعة عشرة, الذي خلف والده اخناتون ليصبح أصغر ملك في تاريخ مصر, وأنه توفي إثر تعرضه لإصابة أثرت علي نخاعه الشوكي, وأن هناك إعوجاجا غير طبيعي في العمود الفقري, مما نتج عنه صعوبة في الحركة والسير قبل وفاته, وهذا ما جعل المحققين يجمعون علي أن الملك المصري تم قتله في عملية اغتيال للاستيلاء علي الحكم من جانب أحد الطامعين في عرشه, ولم يستبعدوا مشاركة زوجته, وأخته غير الشقيقة أنخس آمون في التدبير لعملية اغتيال الفرعون المريض للزواج من القاتل بعد الحصول علي العرش.
وحدد فريق الباحثين الأمريكيين, المشتبه فيهم بقتل الفرعون في4 أشخاص, وجمع الفريق الأدلة علي ذلك من مصر ولندن وأمريكا, وأجريت مقابلات مع شهود عيان من علماء المصريات والأطباء الشرعيين والنفسيين.
ووضع الفريق البحثي سيناريو متصورا لموت الفرعون الشاب من خلال الأدلة, ومن بينها دليل وجوده لدي فحص الجثة باستخدام أشعة إكس, ودليل آخر علي الجدار الجنوبي لمقبرة توت عنخ آمون التي لم يكتشف موقعها الفراعنة الذين خلفوه حتي لصوص المقابر, كما كشفت الدراسات التي أجراها الفريق الأمريكي عن أن الدليل الأول يتمثل في عظمة ناتئة في مؤخرة رأس الجمجمة, ورجحوا أن يكون نتوء هذه العظمة نتيجة ضربة شديدة في مؤخرة الرأس.
وانتهي المحققون إلي أن الوزير الأكبر لتوت عنخ آمون, الذي يدعي آي خطط لقتل الفرعون الشاب وطلب من الكهنة ترسيمه وريثا للعرش في الشعائر الملكية, كما قام بمحو الكتابات التي تتحدث عن توت عنخ آمون في المعابد, واستبدلها بأخبار انتصاراته وأمجاده, ويعد هذا التفسير البحثي أول تفسير لوفاة توت عنخ آمون في ظروف غامضة شغلت علماء الآثار علي مدي81 عاما. وقال: إن هذه القضية ظلت مثار بحث لمدة طويلة دون أن يحسمها أحد لأنها احتمالية.
وحول مشروع تصوير المومياء يقول الدكتور عبدالحليم نور الدين عميد آثار بني سويف: إنه سبق التصوير بالأشعة لجسد الملك في مرتين سابقتين ولا شئ يعتبر جديدا في الموضوع, إلا أن ذلك لا يمنع من أن عدد الصور الكبير قد يفيد في التعرف علي مدي تعرض الملك المصري للقتل, وسبب وفاته والأمراض التي أصابته, والتي كانت شائعة في ذلك الوقت. النتائج العلميـة تؤكد عدم وفاة تـوت عنخ آمون مقتولا
أثبتت نتائج الدراسات العلمية للأشعة المقطعية علي مومياء الملك توت عنخ آمون أن الملك الشاب لم يمت مقتولا بسبب ضربه علي مؤخرة رأسه أو مسموما.
وأكد فاروق حسني وزير الثقافة أمس, أن فريقا من المتخصصين المصريين والأجانب انتهي من بحث صور الأشعة المقطعية التي التقطت يوم5 يناير الماضي للمومياء, وتوصل الي أن الملك مات وعمره19 عاما وأنه كان يتمتع برعاية وصحة جيدة خلال حياته ولم يعان من سوء تغذية أو أي أمراض مزمنة خلال مراحل طفولته.
وصرح د.زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلي للآثار بأن الوفاة لم تكن بسبب تعرض الملك لحادث أو صدمة علي الرأس, وقد وجدت بعض الكسور بعظمة الفخذ اليسري يرجح أنها حدثت قبل الوفاة بوقت قليل وإن لم تكن سببا في الوفاه. وأضاف أن الأبحاث استغرقت شهرين علي يد فريق البحث العلمي المكون من8 أساتذة في كلية الطب جامعة القاهرة وهم صفوة أساتذة الطب والأشعة والتشريح والطب الشرعي بالتعاون مع3 من الأطباء الأجانب المتخصصين في هذا المجال, أحدهم سويسري الجنسية بجامعة زيورخ وايطاليا, سبق أن قاموا بعمل الدراسات الخاصة برجل الجليد.
وأضاف د.حواس أن الخبراء الأجانب اكدوا النتائج التي توصل اليها الفريق المصري, وأن استخدام الأشعة المقطعية لفحص المومياء الملكية سابقة هي الأولي من نوعها في العالم. وأبدي اعتقاده بأن هذه النتائج ستغلق ملف الاثارة التي حامت حول أسباب وفاة الملك توت عنخ آمون, وأن الأمر لن يحتاج لاعادة فحص المومياء مرة أخري وأن الحالة السيئة التي ظهرت عليها المومياء كانت بسبب مافعله عالم الآثار الانجليزي كارتر وفريقه عام1922. لعنة توت طاردت كارتر بقلم: د. زاهي حواس
برغم أن تعبيرات لعنة المومياء, ولعنة الفراعنة, ولعنة توت عنخ آمون) قد ظهرت منذ اكتشاف خبيئة المومياوات والكشف عن مقبرة الملك الذهبي الصغير. فإنه حتي الآن, مازال هذا الموضوع حديث العامة في كل مكان. ومازالت الصحف والبرامج التليفزيونية العالمية تثير القصص والحكايات عن الحوادث التي وقعت لعلماء الآثار من لعنة الفراعنة, وهناك بعض الحقائق التي حدثت وأضيف إليها خيال وإثارة جعلت الناس في كل مكان يؤمنون بأن هناك لعنة تسمي: لعنة الفراعنة. لقد ظهرت هذه الأسطورة وانتشرت بعد كشف مقبرة توت عنخ آمون عن طريق الأثري الإنجليري هيوارد كارتر الذي ظل يعيش في استراحته بوادي الملوك باحثا عن مقبرة الفرعون الذهبي الصغير وبتمويل من اللورد كارنارفون, وهناك كثيرون لا يعرفون أن اللورد فكر في التخلي عن البحث عن مقبرة الفرعون الذهبي قبل نهاية موسم حفائر1921 ـ1922 وقبل الكشف عن المقبرة بفترة قليلة, وذلك بعد أن قام كارتر بالحفائر في هذه المنطقة لفترة تصل إلي أربع سنوات وأنفق اللورد الكثير من أمواله للبحث عن هذه المقبرة. وخلال صيف عام1922 أخبر كارنارفون كارتر بأنه لن يمول هذا الكشف بعد الآن. وكان كارتر يتوقع هذا, لذلك قرر أن يتحمل مصاريف الموسم التالي أملا في الكشف عن المقبرة, وعندما عرف كارنارفون بذلك أشفق علي كارتر ووافق علي ان يمول الحفائر بشرط ان يكون هذا الموسم هو الأخير فقط. بل حضور كارتر من انجلترا إلي مصر, أشتري عصفور كناريا ووضعه في قفص وأحضره معه إلي مصر, وعندما وصل إلي وادي الملوك ومعه العصفور قابل العمال ورئيس العمال. وهنا نظر الريس أحمد دردير ريس العمال الذي أحضره من بلدته قفط ومعه العمال المدربون علي الحفائر. وقال: إن هذا العصفور سوف يجلب لنا الحظ يا جناب المدير. وابتسم كارتر وكأنه يود أن يحقق مايريده ويكتشف المقبرة هذا العام فهي الفرصة الأخيرة أمامه للعمل في وادي الأسرار الغامض الغريب. وبدأ كارتر وعماله الحفائر في اليوم التالي مباشرة. وتم تركيز العمل في المنطقة الواقعة بالقرب من مقبرة الملك رمسيس السادس الذي حكم مصر بعد توت عنخ آمون بنحو200 سنة وكانت هذه المنطقة هي الموقع الوحيد الذي لم يحفره كارتر في السنوات السابقة, وكان كارتر قد عثر عام1917 علي مجموعة من بقايا الأكواخ التي سكنها العمال الذين شيدوا هذه المقابر العظيمة. وقبلها عثر دافيز عام1907 علي حفرة مقبرة صغيرة أطلق عليها فيما بعدKV44 عثر بداخلها علي أوان فخارية واسم توت عنخ آمون منقوش علي قطعة من الكتان,
وكذلك بقايا جنائزية, بالإضافة إلي قناع مذهب صغير, وقد كان هذا هو الدليل المهم لإقناع كارتر بوجود المقبرة في هذا المكان, ولم يحاول أن يحفر داخل هذه الأكواخ لأنه رأي أنها لن تصل إلا إلي مقبرة رمسيس السادس. لذلك قام بتسجيل هذه الأكواخ وأمر العمال بأن يحفروا بعيدا عنها غير مدرك أنه بهذا يبتعد عن مقبرة الملك الذهبي. واستمر العمال في الحفائر. تارة يغنون الأغاني الشعبية الشهيرة وتارة يظلون صامتين كصمت الوادي الرهيب, ويبدأون العمل في الصباح الباكر مع برودة الجو الشديدة تعقبها حرارة شديدة في وسط النهار, والغبار الناتج عن الحفائر يغطي الوجوه الباحثة عن المقبرة المفقودة لأن كل الأدلة التي جمعها كارتر أثبتت وجود هذه المقبرة في الوادي, ولزم كارتر خيمته. قليل الكلام عابس الوجه. وكان العمال يلتمسون له العذر لأن المقبرة لم يعثر عليها للعام الخامس.
ويبدو أن الحظ بدأ يبتسم للعالم الإنجليزي, كان ذلك في هذا اليوم الذي سوف يظل عيدا للآثار وهو اليوم الرابع من نوفمبر1922. أما قصة الكشف فقد جاءت عندما وصل الصبي الذي يحضر الماء للعمال كل يوم داخل جرة علي ظهره للحفائر. وبدأ الصبي في إنزال الجرة ليضعها علي الأرض بعد أن غطي فتحتها العليا, وبدأ أيضا في حفر فجوة علي الأرض لكي تسند الجرة, وبينما يقوم بالحفر وجد درجة سلم من الحجر الجيري, وعلي الفور ترك الجرة علي الأرض وجري حتي وصل إلي خيمة كارتر ليخبره بما عثر عليه, وجري كارتر وراء الصبي علي أمل ان تكون هذه الدرجة هي مدخل مقبرة الملك توت عنخ آمون, وصل كارتر إلي الموقع المجاور للحفائر أسفل مقبرة الملك رمسيس السادس وهي المنطقة التي أمر العمال بعدم الحفر فيها وعندما وقعت عيناه علي الموقع بدأت عيناه تلمعان وظهر الفرح علي وجهه, وهنا تأكد ان حلمه قد تحقق وأنه عثر علي المقبرة التي ظل يحلم بها طوال حياته وظل يبحث عنها في الوادي خمسة مواسم كاملة من الحفائر. وبدأ في تنظيف درجات السلم ووجده بالفعل يقود إلي مقبرة بابها مغلق بعدة أختام ومنها ختم حراس الجبانة, ومن هنا عرف كارتر انه أمام واحدة من المقابر الملكية وكان شبه متأكد أنها مقبرة توت عنخ آمون, وذهب كارتر إلي خيمته وبدأ في كتابة البرقية التي سوف يرسلها إلي اللورد كارنارفون وهذا هو نصها: أخيرا عثرنا علي اكتشاف مدهش بالوادي, مقبرة رائعة مغلقة بأختام الجبانة. سوف نفتحها حين حضورك.
وبعد أن طوي البرقية ليعطيها لأحد العمال ليرسلها نظر كارتر إلي حيث يوجد عصفور الكناريا فوجده قتيلا داخل القفص واعتقد أن ثعبانا قد لدغ العصفور الذي جلب له الحظ. وهنا خرجت أول علامة من علامات لعنة الفراعنة وبدأت المتاعب فعلا تصيب العالم الإنجليزي. وجاء اللور كارنارفون إلي مصر ومعه ابنته السيدة ايفلين هيربرت في يوم23 نوفمبر1922 وبينما كان اللورد وابنته يشاهدان العمال أثناء الحفائر للكشف عن المقبرة كانت المفاجأة العثور علي اسم توت عنخ آمون لأول مرة علي الأختام المنتشرة علي الباب. ولاحظ كارتر أن ختم المقبرة نزع وأعيد ختمها مرة أخري بواسطة حراس الجبانة, ومن هنا عرف ان المقبرة تمت محاولة سرقتها بعد دفن الملك, بل تلتها محاولة ثانية لسرقة مقبرة الملك توت. ولكن يبدو أن الحظ قد ساعد علي كشفها كاملة لم تمس من قبل. وفي يوم26 نوفمبر1926 قام كارتر بعمل ثقب في باب المقبرة وكان ممسكا بشمعة وقرب عينيه من الثقب وفجأة سكت عن الكلام, ومن خلفه كان يقف اللورد كارنارفون ويسأله بلهفة عما يراه. ورد عليه كارتر: أشياء رائعة أشياء رائعة فكل ما أراه أمامي من الذهب, وعندما دخل كارتر المقبرة وشاهد طريقة وضع الآثار أدرك للوهلة الأولي أن اللصوص قد دخلوا المقبرة من قبل ولكن القدر تدخل لإنقاذها من السرقة.
وحظي هذا الكشف بقدر كبير من الاهتمام لأن هذه المقبرة هي الوحيدة التي كشف عنها سليمة بجميع محتوياتها حيث عثر داخلها علي ما يقرب من5000 قطعة أثرية من ملابس ومجوهرات وأثاث وأسلحة وعجلات حربية وأدوات استخدمها الملك في حياته وأخري أعدت للاستعمال في العالم الآخر وقناع ذهبي رائع وكرسي للعرش تحفة فنية لا تتكرر. وكل قطعة أثرية تعطينا بعد دراستها فكرة عن حياة هذا الفرعون الصغير. بل وتعطينا بعد دراستها تفاصيل عن هذه الحياة وعن قصة الحب والغرام بينه وبين رفيقة حياته وزوجته الملكة عنخ إس إن با آتون والتي غيرت اسمها بعد ذلك عند انتقالهم إلي طيبة إلي عنخ إس إن آمون وهناك العديد من القطع الأثرية التي كانت مخصصة لأخناتون ووضع اسم توت عنخ آمون بدلا منه, وجزء كبير من القطع الأثرية يحمل الطرز الفنية للفن الآتوني وأخري لفن طيبة. وجذب هذا الكشف انتباه العالم كله, وتناقلت أسلاك البرق أحداث الكشف يوما بعد يوم وأصبح وادي الملوك مركزا صحفيا يقيم فيه العديد من الصحفيين بغية الحصول علي أي أخبار, ولكن اللورد باع حق النشر فقط إلي جريدة لندن تايمز البريطانية. وقد كان هذا سببا مباشرا لمشاكل عديدة واجهها كارتر واللورد مع الحكومة المصرية لأنهما اعتبرا مقبرة توت عنخ آمون إنجليزية وليست مصرية, وعاملا الصحفيين والضيوف معاملة سيئة جدا, بل منع كارتر بعض المصريين من دخول المقبرة وأصيب اللورد بصدمة عندما عرف أنه ليس من حقه الحصول علي أية قطع أثرية من المقبرة ولن تكون هناك عملية قسمة لأن القانون يمنع القسمة إذا كانت المقبرة قد اكتشفت كاملة ولم تمس, وهذا ما دفع اللورد وكارتر إلي سرقة العديد من القطع من داخل المقبرة وقد شهد علي ذلك كتاب توماس هوفنج عن الكشف وهو. مدير متحف المتروبوليتان السابق ومازال علي قيد الحياة حتي الآن, وكذلك ما عثر عليه مخبأ داخل قلعة اللورد في انجلترا. وقد جاء العديد من القصص والروايات التي أكدت للناس في كل مكان وجود لعنة الفراعنة ومنها عندما أحبت ايفلين ابنة اللورد العالم كارتر ووقعت في غرامه ولكنه كان مشغولا بالكشف عن المقبرة ولذلك لم يعرها انتباها وبدأت تثير الوقيعة والمشاكل بينه وبين أبيها. وقد استطاع الكاتب الكبير محسن محمد في كتابه سرقة ملك مصر أن يحصل علي الوثائق والأدلة التي تثبت سرقة الملك توت عنخ آمون ومقبرته والقصص التي أثيرت حول هذا الموضوع. ولكن لعنة الفراعنة بدأت أسطورتها الحقيقية في نهاية فبراير1923 أثناء قيام كارنارفون بحلاقة ذقنه حيث لدغته بعوضة أدت إلي أصابته بتسمم دموي وهناك قصص أخري أن حية الكوبرا قد لدغته ومات اللورد في مصر في يوم5 إبريل عام1923 بعد الكشف بنحو خمسة أشهر, وجاء موت اللورد فرصة لاختلاق العديد من القصص والروايات حول لعنة الفراعنة.
بعض هذه القصص حقائق حدثت بالمصادفة وربطت بلعنة الفراعنة مثلما روي من أن اللورد كان داخل حجرته بفندق سميراميس بالقاهرة وبدأ النور يطفأ ثم يعود مرة أخري ثم مات اللورد. وهذا بلا شك ليس له صلة باللعنة وإنما صلته الوثيقة بإدارة الكهرباء والغاز حيث كانت شبكة الكهرباء ضعيفة في ذلك الوقت, وأن اللورد عندما فاضت روحه إلي السماء مات كلبه داخل قلعته بانجلترا في نفس الوقت. وهذه لم تكن قصة حقيقية لأن التليفونات والاتصالات لم تكن تسمح بإثبات هذه الحالة ولكن الكاتبةMarieCorelli كتبت أنها توقعت ان اللورد كارنارفون سوف يموت من لعنة الفراعنة ونشرت قصصا وحكايات مثيرة عن لعنة الفراعنة..
منقول
| |
|